مبادرة كيري للحل السياسي في اليمن اعتراف بفشل المبعوث الدولي ومحاولة لانقاذ السعودية من مأزق اليمن
25 أغسطس، 2016
852 7 دقائق
يمنات – رأي اليوم
ان تجتمع “اللجنة الرباعية” المختصة بالأزمة اليمنية برئاسة جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، ومشاركة نظرائه في السعودية والامارات، ومساعد وزير الخارجية البريطاني في مدينة جدة، وطرحها “خريطة طريق”، تكون بديلا للخارطة التي طرحها المبعوث الدولي اسماعيل ولد الشيخ، فهذا يعني اعترافا بفشل الاخير، اي ولد الشيخ، وعدم حياديته، مثلما يعني ايضا الاعتراف بالمأزق الكبير الذي تواجهه المملكة العربية السعودية في اليمن.
خريطة الطريق التي قدمها المبعوث الدولي ولد الشيخ، كانت تتضمن املاءات سعودية مهينة على الوفد الحوثي الصالحي، وابرزها تشكيل حكومة جديدة تقسم يمين الولاء امام الرئيس عبد ربه منصور هادي، وتطالب بانسحاب القوات الحوثية الصالحية، من صنعاء على ان يتم توقيع الاتفاق في الرياض، او مكة المكرمة، اي على الارض السعودية، الامر الذي ادى الى انهيار مفاوضات الكويت.
“خريطة الطريق” التي تبحث عنها “اللجنة الرباعية”، ليست لإيجاد حل سياسي للازمة اليمنية بالدرجة الاولى، وانما محاولة لإخراج السعودية وحلفائها من “مأزق” الازمة اليمنية، والنتائج الكارثية المترتبة على حربها المستمرة منذ 17 شهرا، ولم تحقق اي نتائج ملموسة.
الامريكيون يشعرون بقلق كبير تجاه ارتفاع اعداد القتلى من المدنيين والاطفال، بفعل قصف طائرات “عاصفة الحزم” للمدارس، والمزارع، والمستشفيات والاعراس، لان هؤلاء يقتلون بأسلحة امريكية، الامر الذي قد يعرضهم لملاحقات قانونية جنبا الى جنب مع السلطات السعودية، وعبروا عن هذا القلق بإرسال وفد من المحامين العسكريين الامريكيين لتدريب نظرائهم السعوديين على تجنب ارتكاب جرائم حرب في اليمن، مثلما طالبت الامم المتحدة بإنشاء هيئة دولية مستقلة اليوم للتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في اليمن.
الولايات المتحدة الامريكية دفعت المملكة العربية السعودية الى هاوية المصيدة اليمنية، لاستنزافها ماليا وبشريا وسياسيا، تماما مثلما استدرجت الرئيس العراقي صدام حسين الى مصيدة الكويت، عندما اوحت له السفيرة الامريكية ابريل غلاسبي ان بلادها لن تعترض على اي غزو امريكي للكويت.
اللجنة “الرباعية الدولية” التي انشأتها الادارة الامريكية لإيجاد حل سياسي للازمة اليمنية تذكرنا بنظيرتها التي تشكلت قبل عشرين عاما تقريبا، ووضعت “خريطة طريق” للسلام في فلسطين المحتلة، التي تولى رئاستها توني بلير رئيس الوزراء البريطاني الاسبق، ولم تحقق اي نجاح يذكر باستثناء تأجيج الاستيطان في الاراضي المحتلة، و لا نعتقد ان الثانية ستكون اقل سوءا من الاولى.
السيد عادل الجبير وزير الخارجية السعودي اكد في المؤتمر الصحافي الذي عقده مع كيري، رفض الدول الاعضاء في الرباعية اي خطوات احادية الجانب تتخذها اطراف الازمة، في اشارة فيما يبدو، الى تشكيل التحالف “الحوثي الصالحي” للمجلس السياسي الاعلى، واختيار السيد صالح الصماد رئيسا له، ليكون بمثابة الرئيس للبلاد، على ان يتلو ذلك تشكيل حكومة يمنية، ولكنه نسي، اي السيد الجبير، ان قرار قيادته بإعلان الحرب في اليمن كان قرارا احادي الجانب ايضا.
اي حل سياسي يجب ان يضع في اعتباره الوقائع والمتغيرات على الارض في اليمن، ويلبي مصالح جميع الاطراف دون اي انحياز لطرف على حساب آخر، وفوق كل هذا وذاك تخلي القيادة السعودية عن نهجها في التعاطي مع اليمن واهله بعقلية “الكفيل”.